اميرة الجن المظلومه
قدمت الى السلطان في صباح باكر .. وهو جالس على كرسي على ممرفي وسط الحدائق ..
يداعب بنظراته المتأملة جمال الزهور المتفتحة صباحا ..
ونداها عليها يحاكي الماس ..
فلما رآني من بعيد .. تبسم ابتسامة تبعث الامل الجريح ..
ثم قال وردة ؟؟
انه لصباح جميل ان اراك فيه اولا قبل الآخرين ..
فجلست في كرسي الى جانبه ..
وقلت يامولاي سيكون الصباح اجمل لو اصغيت الي بقلبك ..
فقال ان لم اصغ بقلبي لشقيقتي الكبرى فلمن ؟
ياوردة انا اعتبرك امي ..
قولي فاني منشرح في هذا الصباح ..
فماسوف تجدينه مني الان لن تجديه في وقت آخر ..
فقلت له يامولاي ان الاميرة سلمى مغرمة؟
فالتفت الي وقال في تبسم ساخر ..
لقد كبرت الطفلة ..
هذا خبر جميل ..
ولكن من القلق الذي على وجهك .. استشف ان وراء الامر اشكال ..
فقلت الذكاء دوما لك خصلة ايها الملك العظيم ..
انها يامولاي مغرمة بقائد من قادتك ..
وهو حافظ العدني ..
فاريدك ان تباركها ..
فانتفض الملك قائما كانما لُدغ ..
وتغير وجهه تغييرا مفزعا ..
اما انا فكادت اعصابي تصاب بالشلل من الخوف ..
ثم قال أهذه انت ؟ اهذه حكيمة المملكة تقول مثل هذا الهراء والتخريف ..
انت تعلمين ماهو نسبه واصله وفصله ..
ثم ان الاميرة سلمى لايستحقها الاصيلون من غير العائلة المالكة ..
فما بالي ازوجها من احد القادة وفي نسبه خلط ممجوج ..
فهو عدني مدني نعم .. ولكن امه من سرايا الاحباش المخطوفة بباب المندب ..
فكيف تريديني ان ازوجة اميرة من المملكة الرابعة للجن المسلم على وجه الارض ..
فقلت يامولاي انت للعلم اهل وللتقوى ..
فان الناس يتفاضلون بالتقوى والايمان .. ولايتفاضلون بالنسب ..
فقال لي نعم ..
ولكن من حق الانسان ان يختار مايشاء ويترك مايشاء ..
فانا لم انتقص يوما من الايام من قدر حافظ العدني .. فهو نعم الرجل
ولكني لا اريده نسيبا ..
فارجو ان لايتكرر هذا الكلام والا سوف انسى انك اختى ..
وساقلب الارض بطنا على ظهر ..
وارجو ان لايسمع احد حتى بهذا الكلام فانه ..
لايجوز في حقنا ان تكون الاميرات في خفة يقعن في عشق القادة ..
ثم اعلمي مادامت هذه الاميرة قد بلغت سن التشهي في الرجال .. فاني سوف ازوجها في اقرب وقت ..
فان ابن عمها والي البصرة ..
وهو في سن الزواج ..
ولا اريد كلمة واحدة منك ..
انصرفي راشدة يا اختاه ..
رجعتُ لاختي الصغيرة .. والمشاعر التي بداخلي لاتوصف ..
ولا ادري كيف انقل لها هذالخبر المحزن ..
وصلت اليها وقلت لها ذهبت للسلطان .. فرفض العلاقة .. ولكنه سيوافق اضمن لك ذلك يا اختي ..
اتدرون لم قلت لها ذلك؟ .. لاننا تعلمنا انه ينبغي
لمن يحمل خبرا سيئا .. ان يخلطه بما يخفف الصدمة ..
قالت لي أأنت على وعدك يااختي انك ستقيمين لنا تخاطرا خفيا ..
لكي اتصبر حتى يوافق اخي السلطان؟
هي لم تهتم برفض السلطان بقدر اهتمامها بالحديث مع حبيبها ..
قلت لها هذا وعد مني ..
ولكن لي شرطين ..
اولا ان لايعرف بذلك احد .. فمع اني سامرر الخط التخاطري اما باعماق البحار .. او بارتفاع عالي جدا ..
فارجو ان تتخاطرا في ساعة متاخرة من الليل ..
والشرط الثاني اذا كشف امرك .. فعديني ان لا احد يعرف اني صانعة التخاطر ..
فقالت لي اعدك بذلك يا اختي .. وفرحت جدا حتى قامت وقبلت جبيني ..
وشرعتُ في تصنيع الخط التخاطري .. فما هي الا ايام قلائل والخط قد اكتمل نسيجه ..
ارسلت الاميرة سلمى نداءها الاول لحافظ العدني .. في الساعة الاخيرة من الليل ..
وسمع ان احدا يناديه بغير صوت يُسمع ..
السلام عليك ياحافظ ..
فرد بصوته وقال وعليكم السلام ..
قالت له : لاترد علي بصوت . رد علي بسرك انا الاميرة سلمى ..
فرد بسره وقال اعندك تخاطر ؟ .. أهو ما صنتعته الاميرة وردة؟
قالت له نعم .
قال لها كم انا سعيد بسماع صوتك في خاطري يا اميرتي ..
الآن ستدب الحياة في روحي ..
الشكر للاميرة وردة صاحبة الرحمة والحنان ..
قالت له هل انت فعلا تحبني ياحافظ مثل ما انا متيمة بك؟
قال لها يا جميلتي حبك اعيا قلبي واحرق روحي وحتى انا لم اكن اعرف بمشاعرك ..
كل هذا التخاطر وانا استمع اليهما .. لان التحكم بيدي ..
وتحدثا كثيرا وباح كل واحد منها للاخر بحب لم اكن اتوقع انه سيقع في يوم من الايام بين الجن ..
فقد كانا ينشدان الشعر قرضا في المحادثة ..
وهذا بعض ما اسعفتني الذاكرة لحفظه ..
قال لها:
اليوم يوم سعادةٍ ابدية بحبيتي ** قم يا فؤادي بالمحبة طائرا ..
قالت له ..
قل للفؤاد اذايطير محلقا ** اقبل اليّ .. وكن بداري زائرا
قال لها ..
واذا رءاك فانه سيفوتني ** سيهيم عندك في جمالك حائرا ..
قالت له ..
هل للقلوب اذا تلاقت في الهوى** بعض التهامس مثلنا ومساهرة ..
وبعد ان انتهت محادثة التخاطر الاولى ..
علمتُ ان الاميرة سلمى اذا لم تتزوج حافظ ..
ستصاب بجنون او مرض .. او انها سوف تنتحر ..
وقد امتعتني محادثتهما وبكيت فيها كثيرا ..
وعند الصباح ناداني الملك ..
وذهبت اليه خائفة ..
لابد انه كشف المحادثة فهو من خبراء التخاطر ..
سترك يارب ..
حقيقة اني خائفة ..
برغم الاحتياطات التي اتخدتها ..
من اجل سرية هذا التخاطر ..
اخشى ان يكون قد كشفه السلطان ساذهب اليه
كان السلطان في حالة غريبة .. قد وصلت اليه ..
نظر الي نظرة كانه سارح في شئ ما .. ولاينظر الي بالرغم من ان عينيه متوجهة صوبي ..
ثم انتبه وقال لي :
وردة تعالي واجلسي جواري ..
فجلست . فقال لي ايتها الاميرة .. لابد لنا ان نسرع في تزويج البنت قبل ان نندم ..
فقد كلمت اليوم ابن عمي (الوزاع) والي البصرة ..
فابدى استعدادا وفرحة ..
فجهزي الفتاة في غضون ثلاثة ايام ..
فقلت له يامولاي اليس من الحكمة ان تستشير الفتاة ايضا .. ؟
فقال لي ..
البنت عهدة في عنقي .. وامانة من والدي .. وهي صغيرة لاتعرف مصلحتها ..
وساخبرها بنفسي ..
فاجلبيها لي الآن .. فذهبت وقلت لها السلطان يطلبك؟
فجاءت خائفة ترتعد .. وهي تكرر لي سؤالها ..
هل انت متأكدة ان الملك لم يعلم شيئا من التخاطر؟
وانا اقول لا ..لا ..
ان التخاطر ذو سرية بالغة .. والاحتمال شبه معدوم في كشفه ..
ذهبت الى الملك .. وهي ترتجف من الخوف .. فقال لها
نحن ليس لدينا اميرات يقعن في حب الرعية ..
فان سمعت منك كلاما شبيها ساقع لسانك واطعمه للنسور ..
جهزي نفسك فبعد ثلاثة ايام زواجك من ابن عمك الوزاع ..
فقالت له سمعا وطاعة يامولاي ..
فلما رجعنا قلت لها لماذا وافقت بكل سهولة؟
كنت احسب انك ستعترتضين علي الامر ..
فقالت لي انا لم اصدق انني نجوت من عقابه ..
فماذا عساي ان افعل امام ظلمه وجبروته ..
فهو يقتلني ولايعلم ثم بكت بكاء كانها تدمع الدم ..
ثم ذهبت واغلقت عليها غرفتها ..
بدأنا في التجهيز ..
وشاع الخبر في بقاع المملكة .. واجتمعت الجميلات ..
ووصل الخبر الى حافظ العدني .. فتملكه المرض من جديد ..
وسمع الملك بمرضه .. فارسل له وبعثه في مهمة الى بلاد الصين ..
دخلت على الاميرة قبل العرس .. بيوم فاذنت لها بالتخاطر معه .. لعل ذلك يخفف عنهما ..
فبدأت محاثة من التخاطر الذي يدمي القلب ويفتت الروح ..
لذلك لن انقل لك منه كلمة ..
تم العرس بين الاميرة سلمى والامير الوزاع ..
بكل عظمة وصولجان .. وكان زواجا لم تسمع به الجن ..
ومن فرط حزننا نحن الثلاثة .. (انا وسلمى وحافظ ) ..
لن احكي لك عن العرس .. فاننا لم نذق فيه طعم الفرحة ..
وانا غضبت من الملك غضبا لم اغضبه عليه في حياتي ..
وقررت في نفسي ان لا امنع اختي من تخاطرها بحبيبها .. طيلة حياتي ..
حتى ولو ادى ذلك لقـتلي ..
ذهبت اختي الى بيتها .. والله يعلم مافي قلبها من الحزن والاسى ..
وقبل ان تغادر أوصيتها بوصية ..
فقلت لها ..
كوني له زوجة وفيه .. ما دام انه لم يظفر بحبك .. فلاتمنعيه من الوفاء الظاهر .. واحسني فيه فانه ابن عمك .. وادخلي عليه بالسعادة واياك والتافف والضجر ..
ولاتخاطري حبيبك بحضرته وامنعي نفسك من التخاطر بقدر ما تستطيعين ..
فان التعود يكسب العادة .. وان التناسي يجلب النسيان ..
فذهبت اختي الى بيتها .. وتركتني في حزني غارقة ..
انقطع التخاطر بين شقيقتي وبين حبيبها ..
وكل يوم اراجع آثار التخاطر ولا اجد شيئا ..
حقيقة هجر المنام عيني لاني لا اعرف كيف حالها ..
لابد لي ان ارتب تخاطرا سريعا بيني وبينها ..
لاستعلم عن حالها ..
اتخذت تخاطرا .. وسالتها عن حالها اجابتني وهي تبكي ..
حتى اني لم اسمع منها جيدا .. فان بكاءها كان بقلبها وهو محل التخاطر ..
فقد تشوش علي التخاطر جدا ..
وانا ا ناشدها ان توقف البكاء ..
لاسمع منها وهي تقول لي يا اختي انا لا ابكي انا فقط محطمة .. انا فتات من فتاة من الجن ..
قلبي يشتاق اليه يا اختي ..
جدي لي حلا .. اناشدك الله انا اموت ياوردة ارجوك ..
ماذا افعل ياشقيقتي انا اختنق ..
فبكيت كثيرا من حالها وقلت لها لماذا لاتخاطريه ..
فقالت ..
ان علم السلطان فسوف يقتلك ويقتلني ويقتل حافظ ..
لا اريد ان اعرضكما للخطر ..
ساستحمل يااختي .. التخاطر لن يجدي نفعا .. انه يزيدني شوقا وحُرقة
ثم سكتت وقالت يا وردة ؟
قلت لها نعم ..
قالت لقد رايتني معه في المنام ..
ونحن نتبادل نظرات فتاكة وابتسامات مشرقة ريانة ..
لقد كانت رؤيا جميلة واحلاما كريمة ..
فقلت لها خاطريه ولو مرة واحدة عسى ان يخفف عليك .
لقد كانت رؤيا جميلة واحلاما كريمة ..
فقلت لها خاطريه ولو مرة واحدة .. عسى ان يخفف عليك ..
ولو لم يكن من اجلك فمن اجله هو .. خاطرية ..
فهو حتما سيكون محتاج اليك ولو كلمة واحدة ..
فبدأ التخاطر بين اميرة الجن الجميلة وبين حبيبها .. ولاول مرة بغياب زوجها ..
فسلمت عليه ورد السلام ..
ثم قالت له الاماني في قلبي كثيرة وساحبسها ماحييت ..
ولك في القلب امثال الجبال من الحب .. لن يظفر به احد غيرك
((حبيبي الوحيد انا حامل
والجنين الذي يتحرك الان في رحمي تمنيت ان يكون ابنك))
ثم احست الاميرة بوشوشة في التخاطر .. كانما احد الجن يتسنط للتخاطر .. فقطعت التخاطر خائفة ..
طمنتها ان الاجراءات الامنية على التخاطر عالية الفعالية ..
فواصلت ..
وتكلما معا كلاما طيبا ليس فيه خدش ..
ثم قالت له حتى اكون وفية لبيت الزوجية ارجو ان تنسى
امري .. وتعالج ما الم بك .. من ضعف ووهن .. واستودعك الله الذي لاتضيع ودائعه ..
تاكدت ان الاميرة بعد هذا التخاطر قد زال عنها كثير من الضيق والحزن ..
فذهبت الى بيتي مطمئنة ..
مرت الايام وكان في يوم عيد الذئاب .. ان جمع السلطان فرسان الجن من اجل اصطياد الشيرا ..
ويوم عيد الذئاب .. هو .. يوم يذهب فرسان الجن لاصطياد ملك الذئاب .. وهو الشيرا .. ومن يظفربقتل الشيرا .. يكون قائدا عاما للجيش ..
فارسل الملك الى كل القادة من اطراف مملكته .. وكان في من
دعي لهذا المهرجان حافظ العدني ..
الذي كان له شرف الفوز .. فقد غاب حافظ لستة ايام .. ثم جاء بالشيرا ..
يحمله على ظهره ..
وهنا بدأت المكائد ..
كان من القادة قائد اسمه سمـوءل ..
كان مرشحا للفوز بالشيرالهذا العام ولكن حافظ
اختطف منه الفوز ..
كان غاضبا جدا ..
فجاءه جني اخر من القادة في بيته .. وجلس معه .. وقال له كيف يكون
حافظ العدني .. وهو خائن للاسرة المالكة ..
وكان هذا الواشي يدعى صخر ..
فقال له سموءل .. وما الذي حملك على ان تقول هذا؟
فاما ان تاتيني بالبينة والدليل .. واما ان اكون انا من يقتلك ..
فقال له لهذا سجلت هذا التخاطر .. في هذه الدراهم ..
فاسمع ..
فاخرج دراهم من فضة ووضعها في قدح فيه قليل من الزئبق الاحمر ..
فجاء صوت الاميرة سلمى .. وهي تسلم على حافظ .. وهو يرد عليها
وهي تقول :
الاماني في قلبي كثيرة وساحبسها ماحييت ..
ولك في القلب امثال الجبال من الحب .. لن يظفر به احد غير
حبيبي الوحيد .. انا حامل
والجنين الذي يتحرك الان في رحمي تمنيت ان يكون ابنك ..
حتما انت تتذكر يامهران .. هذا التخاطر بين شقيقتي وبين حافظ ..
وتذكر ان شقيقتي سمعت وشوشة .. وشكت ان هنالك احد يسترق السمع .. فان شكها كان صحيحا .. كان هذا صخر يسترق ويسجل التخاطر ..
لما سمع سموءل هذا التخاطر .. اشتراه من صخر بالف دينار من الذهب ..
وذهب وجلس في البيت .. ومسح من التخاطر ثلاث كلمات متتاليات ..
وهي قول الاميرة ..
.. (تمنيت ان يكون) ..
فتغير المعنى تماما
فبقي التخاطر كالاتي :
الاماني في قلبي كثيرة .. وساحبسها ماحييت
ولك في القلب امثال الجبال من الحب .. لن يظفر به احد غير
حبيبي الوحيد انا حامل
والجنين الذي يتحرك الان في رحمي ابنك ..
فنسخ سموءل التخاطر ناقصا واعاده الى الدراهم الفضية .. وذهب به الى الملك .. امام طائفة من القادة والاصدقاء .. ثم قال
ايها السلطان العظيم .. نحن لانقبل ان يكون القائد العام للجيش
خائنا للاسرة المالكة ..
فقال الملك .. اسكت يا سموؤل .. فان حافظا ليس بخائن .. صحيح
انه سولت له نفسه ان يتزوج الاميرة سلمى .. ولكن هذا الامر انا قطعت دابره .. وانقطعت العلاقة الان بين حافظ والاميرة ..
فقال سموءل :
لا يامولاي ان العلاقة لم تنقطع .. فان الاميرة سلمى حامل من حافظ .. وليس من ابن عمك المسكين ..
فقال الملك احضروا السياف .. فاني قاتل هذا السموءل ..
ان لم ياتني ببينة ..
فقال سموءل .. عندى البينة ..
واخرج الدراهم ..
وقال اطلب من مولاي قدحا من الزئبق الاحمر ..
فجاء احدهم بالزئبق .. ووضع سموءل الدراهم فيه ..
واذا بصوت الاميرة تسلم على حافظ .. وحافظ يرد عليها ..
وقالت له هذه العبارات التي قطع منها مايغير المعنى
والجنين الذي يتحرك الان في رحمي(x) ابنك
تعليقات
إرسال تعليق