بقلم احمد حسين اقتصاد الحرب في السودان: الخسائر وآفاق التعافي
اقتصاد الحرب في السودان: الخسائر وآفاق التعافي

يمر السودان حالياً بإحدى أصعب مراحله الاقتصادية في تاريخه فالحرب الدائرة تسببت في انكماش حاد للإنتاج وتوقف واسع للأنشطة الصناعية والزراعية، مما أدى إلى اختلال واضح بين الإنتاج والاستهلاك.
المنطقة الصناعية في بحري مثال صارخ على حجم الدمار؛ فالكثير من المصانع دُمّرت بالكامل، وسُرقت المخازن والمواد الخام، وحتى خطوط الإنتاج لم تسلم من التخريب. وانتشرت مقاطع الفيديو التي تُظهر حجم الانتهاكات التي طالت المصانع والمنازل على حدٍ سواء. للأسف، شاركت بعض الفئات في تلك الممارسات المؤسفة، خاصة في مناطق مثل العزبة وبعض أجزاء من الحاج يوسف، مايو، وجنوب الحزام، الأمر الذي زاد من معاناة المواطنين وأوقف عجلة الإنتاج تماماً. وامتدت السرقات حتى المنازل فلم يسلم منها منزلا الا وطالته يد السرقة نساء واطفال ورجال يحملون ماطالته ايديهم من الامتعة والمعدات ( بقج وعلى ظهر الكارو ) لم يتركو شئيا وراء ظهورهم حتى صارت غرف الطين والقش والرواكيب فى بعض الاحياء الطرفية عبارة عن مخزن للاجهزة الكهربائية شاشات ثلاجات غسالات ...الخ
ما اود ان اشير اليه الى ان توقف الصناعة والنشاط الاقتصادي بشكل عام أدى إلى تراجع كبير في إيرادات الدولة، بينما استمرت النفقات العسكرية في الارتفاع مع اتساع رقعة القتال، فزادت معدلات التضخم وارتفع العجز المالي.
أما اجتماعياً، فقد خلّفت الحرب ملايين النازحين بلا مأوى أو مصدر رزق، خاصة في ظل اعتماد أغلب سكان الخرطوم على العمل في المصانع أو الأعمال اليومية. كما تفاقم الفقر والبطالة، وانهارت الخدمات الصحية بصورة مقلقة مع انتشار الحميات مثل الضنك، إضافة إلى توقف العملية التعليمية، مما أدى إلى تآكل رأس المال البشري في البلاد.
ولكي يبدأ السودان طريق التعافي، فلا بد أولاً من وقف الحرب وتحقيق الاستقرار الأمني، رغم الانقسام بين من يدعون لاستمرار القتال ( طوالى هنا انت فلولى وناس بل بس ) ومن يطالبون بإنهائه فوراً. ( هما انت قحاطى وعميل وخائن ) لكن بدون سلام حقيقي، لن تكون هناك نهضة اقتصادية ممكنة. بعد ذلك يجب العمل على إعادة تأهيل البنية التحتية والمناطق المنتجة، وتوجيه الموارد نحو الزراعة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، مع خلق بيئة مشجعة للاستثمار المحلي والأجنبي.
كما أن الإصلاح المؤسسي والشفافية من أهم الركائز لبناء الثقة بين الدولة والمواطنين وضمان إدارة فعالة للموارد. السودان يملك مقومات عظيمة للنهوض من جديد، لكن ذلك يحتاج إلى إرادة وطنية صادقة، ووحدة هدف، وعمل جاد من الجميع .
والله المستعان.
أحمد حسين عبدالله 2025/10/26 م
تعليقات
إرسال تعليق